قراءة وتحميل كتاب محمد المهدي وموسى الهادي لمحمود شاكر الحرستاني PDF
يقول مُصَنِّف الكتاب “محمود شاكر الحرستاني” في مقدمته: “إن الأعداء إنما يُوجِّهون سهامهم المسمومة بتسديدٍ دقيقٍ ورميٍ كثيف على الخلفاء الذين يشدّدون وطأتهم على المُتَلوِّنين وأمثالهم حتى لا يستطيعون الظهور ولا يتمكنون من التحرك وإثارة العامة على الخلافة، وعلى الخلفاء الذين يقطعون الطريق على الأعداء بإصلاحاتهم واتباع النهج الإسلامي بشكلٍ سليمٍ فينتشر الأمن، ويسود العدل، وتعمّ الأخوة، ويُقْبِل غير المسلمين نحو دين الله عز وجل، وينفر أهل الذمة مما كانوا يتوهّمون، ومن أضاليل أحبارهم الذين ينشرون أباطيلهم سعيًا وراء مصالحهم. وكانت السهام المسمومة هي إشاعات وأكاذيب، وافتراءات وأباطيل، تُثَار لتقضِّ مضاجع المجتمع الإسلاميّ آنيًا ولتُثير الشكوك حول الخليفة ومن يُمثّل، وحول المنهج الذي يتّبعه، كما تُدَوَّن هذه الافتراءات لتكون سلاح المستقبل يستعمله الأعداء كلما أرادوا إعداد حملة فكرية على المسلمين أو إثارة زوبعة على الماضي يُشَوِّهون معالم البناء والسمو بالإنسان، ويسوّدون صفحات التاريخ الناصعة البياض. أما الخليفة محمد المهديّ فلم يكن شديد الوطأة على المُتَلوِّنين، إذ صرف جهده إلى الزنادقة، فوجَّه لهم الضربات، وكال لهم الصفعات، وترك المُتَلوِّنين وما يُظهرون، وأوكل أمرهم إلى الله، وفي الوقت نفسه لم يكن هو ذلك العملاق الذي يخشاه الأعداء من الفئات كافة، يخافون بأسه، ويرهبون دعوته، ويخشون فصم عراهم، ويحذرون استقرار وضع أسرته، لذا كانت السهام الموجّهة إليه ذات سمٍّ قليل، وموجهة من بعيد وبعدد ضئيل، لا يبالي مسدِّدوها أصابت كبد الهدف أم وقعت على أطرافه أم طاشت نائيةً عنه. ولهذا كله لم يلقَ المهديّ الكثير من الاهتمام وبالغ الانتباه حتى كأنه عاش وراء ستار شفاف يُرَى مكانه، ويُعْرَف مقامه، ولا تُدْرَك أوصافه، ولا تُعْلَم أعماله غير أبيه المنصور وغير ولده الرشيد. فنرجو من الله التوفيق لتقديم صورة صادقة عن حياة محمد المهدي الخليفة العباسي الثالث، وعن حياة ولده موسى الهادي الخليفة العباسي الرابع. وما نبتغي سوى الحقيقة، كما نرجو أن يكون في عملنا الإخلاص والصدق. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين”.
التعليقات
لا توجد تعليقات.